من حيث أنّ قاعدتنا هذه وضّحت أنّ خطأ هذا الظّنّ إمّا أن يكون مستنداً إلى سبب ظاهر متعلّق بغير الفاعل المخطئ، وإمّا أن يكون الإتلاف بناء على اجتهاد من المتلف، ثم تبيّن خطأ اجتهاده، ففي تضمينه قولان، ولكن إن تبيّن أن المستند للخطأ لا يجوز الاعتماد عليه لوضوح بطلانه، ولم يتبيّن الأمر بخلافه، فإن كان الفعل قد تعلّق به حكم فنقض وبطل فالضّمان على المتلف، وأمّا إن لم يتعلّق به حكم فلا ضمان.
وإن كان المستند أقرّ أنّه تعمّد الإضلال والخطأ فعليه الضّمان لأنّه متسبّب في الضّرر، والمتسبّب إذا كان متعمّداً فعليه الضّمان.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
إذا شهد شاهدان بموت زيد، فقسم ماله بين ورثته، ثم تبيّن بطلان الشّهادة بقدوم زيد حيّاً. فإنّ الشّاهدين يضمنان المال.
ومنها: إذا رجم حاكم رجلاً بشهادة أربعة بالزّنا ثم تبيّن أنّه مجبوب، فالضّمان على الحاكم لتفريطه، حيث إنّ المجبوب لا يخفى حاله.
ومنها: إذا حكم الحاكم بمال بشهادة، ثم رجع الشّهود وصرّحوا بالخطأ أو التّعمّد بشهادة الزّور، فالضمان يختصّ بهم لاعترافهم، ولا ينقض حكم الحاكم.
ومنها: إذا دفع إلى رجل دراهم غيره يظنّه صاحبها، فأنفقها المعطى، فالضّمان على المنفق وإن كان مغروراً - لتلف المال تحت يده بانتفاعه به.