وهو عند الترمذي من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما - وقال عنه: حديث حسن صحيح.
والمراد بما يريبك: أي ما تشك في حله فدعه إلى ما اتضح حله وتيقنت منه.
وقد ساق السرخسي رحمه الله الحديثين مساقاً واحداً وكأنه ساق الثاني تفسيراً للأول.
فمفاد الحديثين: أن البعد عن الأمور المشتبهة والتي فيها ريبة وشك ولم يتيقن من حلها هو الطريق إلى براءة الذمة؛ لأن من أتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه.
ثالثاً: من أمثلة هاتين القاعدتين ومسائلهما:
إذا اشتبهت شاتان مذبوحتان مسلوختان إحداهما مذكاة والاخرى غير مذكاة وجب البعد عنهما. لأن إحداهما محرمة عيناً - وهي الميتة - والاخرى لأجل الاشتباه.
ومنها: إذا تزوج امرأة، ثم أخبر أنها أخته من الرضاعة - وإن كان الخبر من واحد - فلبراءة الذمة واستبراء الدين والعرض عليه مفارقتها.
ومنها: إذا شك في انتهاء عدة المطلقة رجعياً فلا يجوز له مراجعتها، لأن الحكم بسقوط الرجعة يؤخذ فيه بالاحتياط. (١)
ومنها: إذا أراد الحاكم المسلم أن يصدر نظاماً أو قانوناً ينظم به بعض أحوال الناس وشك في أن هذا النظام يعارض أمراً شرعياً بالحل أو التحريم، فيجب عليه أن لا يصدره استبراء لدينه وحفاظاً على شرع الله أن تنتهك حرماته.