للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحجة الحنفية في تقديم قول الصحابي: أن الصحابي لا يمكن أن يقول هذا القول بناء على قاعدة كلية لأنه يخالفها والقاعدة تخالفه، كما أنه لا يمكن للصحابي أن يقوله من عند نفسه لأن الصحابة رضوان الله عليهم أجل وأتقى من أن يقولوا في الدين قولاً من عند أنفسهم يخالف القواعد العامة. فإذاً يغلب على الظن - لأن إحسان الظن بالصحابة رضوان الله عليهم واجب - فيغلب على الظن أنه إنما قاله سماعاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقول الصحابي بهذه الشروط وهذا الفهم حجة عند الجميع أو أكثرهم وهو قول الشافعي في القديم، وظاهر قول الشافعي في الرسالة (١): أن قول الصحابي حجة إذا انضم إليه القياس فيقدم حينئذٍ على قياس ليس معه قول صحابي. بل الظاهر من مذهب الشافعي رضي الله عنه أنه يأخذ بقول الصحابي مطلقاً إذا لم يجد دليلاً غيره ولا يتركه ليقدم القياس عليه (٢).

فقول الدبوسي هنا إن القياس عند الشافعي مقدم على قول الصحابي غير دقيق.

ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:

وجوب الأجرة في الآبق إذا رده من مسيرة ثلاثة أيام: أخذ الحنفية فيه بقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (٣) وتركوا القياس وألزموه بالجعل، وهي أجرة على مجهول.


(١) ينظر الرسالة صـ ٦٥، والأم جـ ٣ صـ ٣٣٤.
(٢) ينظر الكوكب المنير شرح مختصر التحرير جـ ٤ صـ ٤٢٢، وإرشاد الفحول جـ ٢ صـ ٢٦٨
(٣) خبر عبد الله بن مسعود ينظر تخريجه في نصب الراية جـ ٣ صـ ٤٧٠، عن عبد =

<<  <  ج: ص:  >  >>