عند الحديث عن مصادر القواعد الفقهية تبين أن من القواعد الفقهية ما أصله من نصوص الكتاب العزيز، أو من نصوص السنة النبوية المطهرة حيث جرى كثير منها مجرى القواعد كما جرى كثير منها مجرى الأمثال.
وإلى جانب ذلك أثر عن فقهاء الصحابة رضوان الله عليهم وكثير من أئمة التابعين ومن جاء بعدهم من كبار أتباعهم عبارات وردت إما عند تأصيل مبدأ، وإما عند تعليل أحكام، وهذه العبارات كانت أساساً لما سمي فيما بعد بالقواعد الفقهية.
ولما كان ما عدا ذلك ناتجاً عن اجتهادات للفقهاء في تعليل الأحكام وتأصيلها فإنه لا يعرف لكل قاعدة فقيه معروف وقائل لها؛ لأن هذه القواعد لم توضع كلها جملة واحدة على يد هيئة واحدة أو لجنة واحدة كما توضع النصوص القانونية في وقت معين على أيدي أناس معلومين.
ولكن هذه القواعد تكونت مفاهيمها وصيغت نصوصها بالتدريج في عصر أزدهار الفقه ونهضته على أيدي كبار فقهاء المذاهب من أهل التخريج والترجيح استنباطاً من دلالات النصوص الشرعية العامة والأدلة الشرعية، وعلل الأحكام وأسرار التشريع والمقررات العقلية.
والمعاني الفقهية لهذه القواعد كانت مقررة في أذهان الأئمة المجتهدين يعللون بها ويقيسون عليها، وقد كانت تسمى عندهم أصولاً.
ولعل أقدم مصدر فقهي يسترعي انتباه الباحث في هذا المجال هو "كتاب الخراج" الذي ألَّفه الإمام أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم