ولكنّ النّاظر إلى أحوال العصر الحاضر يرى أنّ نقص قيمة النّقد يعتبر عيباً، وقد يعتبر فاحشاً إذا كان النّقص كبيراً.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
إذا أخذ عشرة دراهم بدينار فوجد في بعض الدّراهم عيباً فأراد ردّها فصارت أحد عشر بدينار. فظاهر كلام أحمد والخرقي عدم جواز الرّدّ لنقص القيمة. ولكن عند ابن قدامة إنّ الرّدّ جائز قال: لأنّ تغيّر السّعر ليس بعيب. ولكن لو قلنا بجواز الرّدّ فهل له أن يأخذ أحد عشر درهماً بدلاً من عشرة، أفلا يكون الدّرهم الزّائد رباً.
إذا نظرنا للعدد فاحتمال الرّبا قائم. لكن إذا نظرنا للقيمة فلا. والله أعلم.
ومنها: إذا اشترى سلعة بعشرة آلاف، ثم وجد بها عيباً يوجب الرّدّ، وكان النّقد قد نقصت قيمته فأصبحت العشرة الآلاف التي أدّاها ثمن السّلعة بقيمة خمسة، فهل له الرّدّ؟ أقول وبالله التّوفيق، ليس له الرّدّ ولكن له أرش العيب - أي التّعويض عن العيب.
ومنها: إذا اقترض ألفاً لأجَل - سنة مثلاً - ثم تغيّرت قيمة النّقد، فأصبحت الألف لا تساوي مئة، كما هو حاصل الآن في كثير من البلدان - فهل له الألف فقط، أو قيمتها يوم أقرضها؟ خلاف. والأرجح والله أعلم أنّ له قيمتها يوم أقرضها، حتى لا يتضرّر المقرض لو أخذ ألفاً - تساوي مئة - ولا ضرر ولا ضرار في الإسلام.