للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه الدليل العام. ولكن الحنفية من جهة أخرى يُعمل جمهورهم مفهوم المخالفة في كلام الناس، وأعرافهم وإن كان ابن نجيم - كما هو مذكور أعلاه - يخالف في ذلك ويرى أن ظاهر المذهب على عدم العمل بالمفهوم مطلقاً.

ثالثاً: من أمثلة هذه القواعد ومسائلها:

الاختلاف في مفهوم قوله تعالى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} (١).

فعند غير الحنفية لا يجوز أن يتزوج غير الأمة المؤمنة، وأما عند الحنفية فيرون جواز ذلك؛ لأن غير المؤمنة مسكوت عنها، والحق في هذه المسائل مع غير الحنفية.

وأما في كلام الناس فالحنفية يعملون بالمفهوم، فمثلاً إذا قال: مالك علي أكثر من مائة درهم، كان إقراراً بالمائة.

ومنها عند الحنفية: إن دية الذمي مثل دية المسلم، وعند غيرهم على النصف من دية المسلم، وقالوا في احتجاج غيرهم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "المسلمون تتكافأ دماؤهم" (٢). إن هذا لا يدل على أن دماء غيرهم لا تكافئهم؛ لأن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي ما عداه (٣). وأدلة غير الحنفية أقوى وأوثق في هذه المسألة للأحاديث الواردة في دية غير المسلم (٤).


(١) الآية ٢٥ من سورة النساء.
(٢) الحديث عند أحمد جـ ٢ ص ١٩٢، وأبي داود رقم ٢٧٥١، والبيهقي ٢٩٠٨، وابن ماجه ١٦٨٣ وغيرها.
(٣) المبسوط جـ ٢٦ ص ١٣٤.
(٤) ينظر منتقى الأخبار جـ ٢ ص ٦٩٥ الأحاديث من ٣٩٨٢ - ٣٩٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>