ومعناها: المشقة الشديدة وهي المرتبة الأولى التي يحرص الشرع أشد الحرص على العناية بها، وهي بلوغ الانسان حدا لو لم يجد ما يحتاجه من طعام أو شراب أو لباس أو مسكن أو دواء - هلك أو قارب. وهذه المرتبة تبيح كثيرا من المحرمات.
وأما الحاجة، فهي دون الضرورة، وهي بلوغ الانسان حداً إذا لم يجد ما يحتاجه لم يهلك ولكن يكون في مشقة شديدة وجهد، فهذه المرتبة لا تبيح الحرام الذي تتيحه مرتبة الضرورة، ولكنها تسيغ الخروج على بعض القواعد العامة وتبيح الفطر في الصوم.
وأما الكمالية أو التحسينية: فهي ما يقصد من فعله نوع ترفه وزيادة في لين العيش دون الخروج عن حد الشرع. وما عدا ذلك فهو زينة وفضول.
فمفاد هذه القواعد: أنه إذا كانت هناك حاجة عامة لمجموع من الناس أو خاصة بشخص ما نزلت هذه الحاجة منزلة الضرورة في جواز الترخيص لأجلها.
لكن تفترق عن الضرورة بأن الحاجة مبنية على التوسع والتسهيل فيما يسع العبد تركه، بخلاف الضرورة، لأن مبنى الضرورة على لزوم فعل ما لا بد منه للتخلص من عهده تلزم العبد ولا يسعه الترك، والحاجة العامة إذا وجدت جازت في حق الاحاد ومن ليست له حاجة.
ثالثاً: من أمثلة هذه القواعد ومسائلها:
مشروعية الإِجارة والجعالة والحوالة والسلم ونحوها جوزت على خلاف القياس لعموم الحاجة إلى ذلك، والحاجة إذا عمت كانت كالضرورة؛ ولأن الإِجارة والسلم بيع معدوم - وبيع المعدوم باطل - ولكن جُوِّز هنا لحاجة الناس.