فمفاد القاعدة المثل: أن من خَوَّف وأعلم بما سيكون قبل الفعل فقد أقام العذر فلا يلام على الفعل بعد ذلك. ودليل هذه القاعدة قوله تعالى: {وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (٢٨)} (١).
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
إذا أساء إليك إنسان إساءَة بالغة ثم حذرته من مغبتها وأمثالها، فلم يرتدع فأنت توقع العقوبة المستحقة ولا تُلام؛ لأنك أنذرته قبل ذلك، وأقمت العذر لما فعلت به.
ومنها: إذا نادى القائد العام في جنده وعبّأَهم أن يكون القائد فلان وجنده في الناحية اليمنى، والقائد فلان وجنده في الناحية اليسرى، أو أن يخرج فلان للمقدمة. فيجب عليهم الطاعة، فإذا عصى أحدهم فعلى الأمير إنذاره والجميع عاقبة العصيان، ولا يعاقبه لأول مرة - إلا إذا ترتب على عصيانه المتعمد ضرر شديد - فإن عصى مرة ثانية هو أو غيره - عاقبهُ بما يستحق.