وأمّا الواجب الكفائي: فالمطلوب فيه أداء الفعل بقطع النّظر عمَّن يقوم به، فالمخاطَب به مجموع المكلّفين، ومَن يقوم به فرد أو أفراد، فإذا فعله بعض المكلّفين سقطت المطالبة به عن الباقين، وسقط الإثم عنهم وأثيب مَن قام به. ولكن إن لم يقم به أحد أثم الجميع.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
الصّلاة والصّيام والزّكاة والحجّ، واجبات عينيّة يخاطب بها كلّ مكلّف بعينه، ولا يجوز الاستنابة فيها - إلا في الحجّ عند الضّرورة، أو تفرقة زكاة.
ومنها: القضاء واجب على الكفاية. فإذا قام به بعض المكلّفين، وسدَّت بهم الحاجة سقطت المطالبة به عن الباقين.
ومنها: الجهاد فرض على الكفاية، إذا قام به بعض المكلّفين من المجاهدين وسدَّت بهم الحاجة سقطت المطالبة به عن الباقين، إلا إذا دَهَم العدو فيكون فرض عين على كلّ مكلّف قادر.
رابعاً: ممّا استثني من مسائل هذه القاعدة:
إذا تعيّن أحد للقضاء - مثلاً - ولم يوجد غيره يسدّ مسدّه، أصبح هذا الواجب عينيّاً عليه، بحيث يأثم إذا لم يلي القضاء.
ومنها: إذا دهم الكفّار أرض الإسلام، أو جانب من أرض الإسلام - ولم يستطع أهل تلك النّاحية صدّهم - أصبح الجهاد فرض عين على كلّ قادر من تلك النّاية ثم الأقرب فالأقرب حتى يعمّ الوجوب أرض الإِسلام كلّها.