لكن هذه القاعدة استثنت حالة يجب فيها الوفاء بالوعد وذلك إذا كانت المواعيد شروطاً في عقد لازم. وبهذا الاستثناء يزول التّضادّ الظّاهري بين القاعدتين ويكون المراد أنّ المواعيد لا يتعلّق بها اللزوم إذا كانت مطلقة عن الشّرطيّة في العقود اللازمة.
ثالثاً: من أمثلة هاتين القاعدتين ومسائلهما:
إذا قال رجل لآخر: بع بيتك هذا لفلان، فإن لم يعطك ثمنه فأنا أعطيكه، فباعه منه، ثم طالبه بالثّمن فلم يعطه المشتري للبائع بعد مطالبته إيّاه، بأن امتنع من الدّفع والأداء، فهنا يلزم الرّجل المُوعِد أداء الثمن المذكور للبائع بناء على وعده المعلّق.
ومنها: إذا قال الكفيل بالنّفس: إن لم أوافك بمديونك فلان غداً، فأَنا أدفع له دَينه. فَلَم يوافه في الغد لزمه الدّين.
ومنها: إذا كفل رجل عن رجل بألف درهم بأمره على أن يعطيه بها هذا الحيوان رهناً - لحيوان موجود - فوقعت الكفالة بهذا بغير شرط من الكفيل على المكفول - أي لم يشترط الكفيل على الطّالب بأن يقول: أكفل لك بهذا المال عن فلان إن رهن فلان هذا الحيوان، فإن لم يدفعه فأنا بريء من الكفالة - ثم إنّ المكفول عنه أبى أن يدفع إليه الحيوان، فإنّ الحيوان لا يكون رهناً؛ لأنّ الكفيل لم يقبضه، (والرّهن لا يتمّ إلا بالقبض)، ولا يجبر المكفول عنه على دفعه؛ لأنّ ذلك كان وعداً من جهته، والكفالة لازمة للكفيل؛ لأنّه التزم المال للطّالب بالكفالة المطلقة.