للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القاعدة الحادية والثمانون بعد المائة [تقادم العهد]]

أولاً: لفظ ورود القاعدة:

تقادم العهد يمنع إقامة الحدود التي هي لله (١).

ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:

تقادم العهد: معناه مضي الزمن حتى بَعُد عن وقت وقوع الحادثة.

فمفاد القاعدة: أنه إذا مضى على الحادثة الموجبة حدًّا لله تعالى - كالزنا أو السرقة أو شرب الخمر أو اللواط - زمن طويل ثم تقدم الشهود للإدلاء بشهادتهم بعد مضي هذا الزمن، لا تقبل هذه الشهادة ولا يقام الحد على المشهود عليه؛ لأن سكوت الشهود طيلة هذه المدة ثم المتقدم بشهادتهم بعدها دليل على أنهم أتوا بشهادتهم لأمر في نفوسهم وضغن على المشهود عليه، وليس أمراً بمعروف أو نهياً عن منكر.

والأصل في هذه القاعدة قول عمر رضى الله عنه: (أيما قوم شهدوا على حد لم يشهدوا عند حضرته، فإنما شهدوا عن ضغن (٢)).

ولكن هل للتقادم حد معروف؟ لم يرد ذكر لمدة ولكن الظاهر أن مضي مدة كافية للوصول للقضاء والإدلاء بالشهادة ثم لم يتقدم الشهود لأداء شهادتهم ثم شهدوا بعد ذلك أنه لا تقبل هذه الشهادة، إلا إذا أبدوا عذراً مانعاً من الأداء كالسفر والبعد أو السجن أو غير ذلك من الأعذار.

قال في الخانية: ولا تقبل الشهادة على الزنا بعد تقادم العهد، وأبو حنيفة رحمه الله فوض ذلك إلى رأي القاضي ولم يقدر شيئاً، وصاحباه رحمهما الله تعالى قدَّرا في الزنا بشهر، فما دون الشهر لا يكون متقادماً، والشهر


(١) شرح السير ص ٢٠١٩.
(٢) الأثر ذكره أيضاً ابن قدامة وقال: رواه الحسن مرسلاً، المغني جـ ١٢ ص ٣٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>