والقاعدة الثّانية: مفادها أنّه إذا وكّل شخص آخر وكالة مطلقة عن القيود والشّروط فإنّما تتقيّد بالمعتاد المتعارف بين الناس؛ لأنّ العادة والعرف يقيّدان تصرّفات المكلّفين المطلقة ما لم ينصّ على خلاف ذلك في عقد الوكالة.
ثالثاً: من أمثلة هاتين القاعدتين ومسائلهما:
وكلّ شخص آخر في قبض ديونه، فإنّ الوكيل عليه أن يطالب الدّائنين ويستوفي منهم بالطّرق المشروعة، فلا يجوز له مثلاً: أن يؤخّر ديناً على مدين مقابل زيادة في الدّين؛ لأنّ هذا رباً ممنوع ولا يجوز للموكّل أن يفعله بنفسه، فكذلك الوكيل.
ومنها: لا يجوز للوكيل أنَ يبيع ديناً بدين؛ لأنّ هذا ممنوع شرعاً، ولا يجوز للموكّل أن يفعله بنفسه. لكن إذا باع الدّين ممّن عليه الدّين فهو جائز.
ومنها: لا يجوز للوكيل أن يستوفي ديناً من ثمن ميتة أو خمر أو خنزير، مع علمه بذلك؛ لأنّ الميتة ليست بمال أصلاً، فلا ثمن لها يكون ديناً، والخمر والخنزير ليسا مالين عند المسلمين، فلا يكون ثمنهما ديناً لمسلم.
ومنها: إذا وكّله في تزويجه من امرأة كان الموكّل قد تزوّج أمّها، أو كانت ذات رحم محرم منه أو أربع سواها خرج الوكيل من الوكالة؛ لأنّه - أي الموكّل - صار بحال لا يملك مباشرة العقد عليها بنفسه بما أحدث من التّصرّف، وذلك عزل منه للوكيل.