إذا وجدت علل متعارضة، وأريد إحداها لبناء الحكم فمن أسباب الترجيح بينها أن تكون إحدى العلل مؤيدة بزيادة من جنسها إذا كانت هذه العلة غير مستقلة، وأما إذا كانت مستقلة فلا ترجيح بالزيادة.
والمراد باستقلال العلة انفرادها بالحكم عند وجودها، وإذا لم تكن منفردة ببناء الحكم عليها فليست علة مستقلة، فالشاهدان - مثلاً - علة مستقلة لبناء الحكم عند أداء شهادتهما، فإذا جاء المدعى عليه بثلاثة شهود أو أربعة فلا ترجيح لصاحب الأكثر؛ لأن الشاهدين العدلين عدة مستقلة.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها.
الأخ لأب وأم يترجح على الأخ لأب فقط، ويقدم عليه في استحقاق الميراث والولاية وإن كانت العلة في كليهما هي الأخوة، ولكن وجود جانب الأم يرجح علة الأخ لأب وأم.
ومنها: إذا كان لأحد شخصين ثلاثة جذوع على حائط مشترك وللآخر جذعان أو جذع واحد وتنازعا في ملكية الحائط، فإنه يحكم بالحائط لصاحب الأكثر، ولصاحب الأقل موضع خشبته؛ لأن الظاهر شاهد لصاحب الكثير.