للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المقدمة الثامنة: وتحتها مسألتان]

[المسألة الأولى]

يلاحظ الدارس للقواعد الفقهية أنها من حيث الأسلوب الذي صيغت به تلك القواعد ووردت به أنه إما أن يكون أسلوباً خبرياً (١). وإما أن يكون أسلوباً إنشائياً (٢). وقد تجد قاعدة واحدة صاغها فقهاء مذهب ما بالأسلوب الخبري، وصاغها فقهاء مذهب آخر بأسلوب إنشائي، فعلام يدل ذلك الاختلاف في صيغ هذه القواعد؟.

من خلال الدراسة لعدد من هذه القواعد تبين أن القاعدة الفقهية إذا وردت بصيغة الأسلوب الخبري فيكون ذلك إشارة إلى ان هذه القاعدة متفق على مضمونها بين العلماء، فمثلاً قاعدة: "الأمور بمقاصدها" وقاعدة: "اليقين لا يزول بالشك". وأمثالها متفق على مضمونها بين علماء مختلف المذاهب.

وقد يكون الاتفاق على مضمون القاعدة بين علماء مذهب معين، فمثلاً قاعدة: "العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني" وردت عند الحنفية بهذا الأسلوب الخبري، فدل ذلك على أن مضمونها متفق عليه بينهم، وقد أوردها الشافعية بهذا النص "هل العبرة بصيغ العقود أو بمعانيها؟ " (٣). كما أوردها الحنابلة بهذه الصيغة "إذا


(١) الخبر - ما يصح السكوت عليه، وهو الكلام المحتمل للصدق والكذب لذاته" التعريفات صـ ١٠١.
(٢) الإنشاء هو الكلام الذي ليس لنسبته خارج تطابقه أولاً تطابقه. التعريفات صـ ٤٠ والمراد به هنا ما كان مصدراً بأداة استفهام أو دل على استفهام.
(٣) المنثور في القواعد جـ ٢ صـ ٣٧١، أشباه السيوطي صـ ١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>