وللنّسيان في الشّرع أحكام: فمتى يكون النّسيان عذراً في رفع الإثم ومتى لا يكون؟.
فالقاعدة الأولى: تفيد أنّ النّسيان إنّما يكون عذراً رافعاً للإثم في المنهيات - أي في الأمور التي نهى الشّارع عنها - دون المأمورات - أي ما أمر الشّارع بفعله فنسيه المكلّف. والمنهيّات إنّما تكون عذراً في رفع الإثم دون الضّمان إذا وقع الإتلاف.
وتعليل ذلك: أنّ الأمر يقتضي إيجاد الفعل، فما لم يفعل المكلّف ما أمر به لم يخرج عن العهدة. وأمّا النّهي فإنّه يقتضي الكفّ عن الفعل، فإذا فعل ما نهي عنه من غير قصد فكأنّه ما فعله؛ لأنّ ترتّب الإثم على فعل المنهي عنه إذا كان فعله مقصوداً. ولكن إذا كان ما نهي متعلّقاً بحقوق العباد فإنّ الضّمان يجب على النّاسي كما هو على العامد، لأنّ حقوق العباد لا تسقط بالنّسيان.
والمخطئ والجاهل حكمهما حكم النّاسي في كثير من المسائل.
ومن ناحية ثانية: فإنّ تارك المأمور يمكنه تلافيه بإيجاد الفعل - ولو خارج وقته - إذ يلزمه إيجاده ولا يعذر فيه.
وأمّا المنهي إذا ارتكبه، فإنّه لا يمكنه تلافيه؛ إذ ليس في مقدور الإنسان نفي فعل حصل في الوجود. فلذلك يعذر فيه.
ثالثاً: من أمثلة هذه القواعد ومسائلها:
إذا تكلّم في الصّلاة ناسياً لم تبطل صلاته، عند غير الحنفيّة.
ومنها: إذا أكل ناسياً أثناء صومه لم يبطل صومه. وعند مالك