تصحيح الصلح بطريق الإسقاط إنما يكون في المستهلك (١).
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
الصلح جائز بين المسلمين، وإذا صالح إنسان آخر وأخذ بعض ماله وترك الباقي، فإن كان الباقي غير مستهلك فيكون تمليكاً لمن هو بيده. وأما إن كان الباقي بعد الصلح مستهلكاً فيكون ما صولح عليه إسقاطاً للحق؛ لأن المستهلك لا يتصور فيه الملك.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
إن كان لإنسان على آخر دين فصالحه على وضع جزء منه على أن يعطيه الباقي فهذا صلح جائز، ويكون ما تركه للمدين إسقاطاً لحقه في الباقي، فلا يطالبه به بعد ذلك.
ومنها: إذا غصب رجل كرَّ حنطة والغاصب منكر للغصب فصالحه صاحبه منه على نصف كر حنطة، جاز الصلح؛ لأن الغاصب بإنكاره الغصب يزعم أن العين ملكه والشرع جعل القول قوله - مع اليمين - إن لم يكن هنا بينة للمدعي. فيتعذر على المغصوب منه أخذ عين المغصوب في الحكم؛ حيث لا بينة له فيكون بمنزلة المستهلك، ويمكن تصحيح الصلح بينهما بطريق الإسقاط، والمنكر آثم في الإنكار والغصب، حتى إذا وجد المغصوب منه بينة على بقية ماله الذي في يده قضى له به الحاكم؛ لأنه لما وجد البينة فقد تمكن من استرداد العين.