من رحمة الله سبحانه ورأفته بعباده أجاز أن يتحمل بعض الناس عن غيرهم بعض شؤونهم؛ ولأنه لو وجب على كل إنسان أن يتصرف فيما يخصه بنفسه ومنع من الاستعانة بغيره لكان في ذلك من الحرج العظيم ما لا يخفى، والأصل أن الإنسان يتحمل مسؤولية تصرفاته وأفعاله، فمن زنا عوقب بالجلد أو الرجم، ولا يجوز إقامة الحد على غيره، ومن شرب الخمر أقيم عليه حده، ولا يجوز أن يتبرع غيره عنه فيقام عليه الحد بدلاً عنه، ولكن الشرع أوجب في بعض الحالات أن يتحمل بعض الناس أخطاء غيرهم وعواقب تصرفاتهم وأجاز التحمل في حالات أخرى استثناءً.
لأن الأصل المستقر في الشريعة أنه (لا يعتد لأحد إلا بما عمله أو تسبب إليه باستنابة ونحو ذلك ولا يطالب عن الغير إلا بما التزم به عنه من ضمان وغيره). ولكن قد يتحمل الإنسان عن غيره ما لم يلزم به ولم يأذن له ذاك فيه.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
الإمام يتحمل عن المأمومين سهوهم إذا وقع السهو من المأموم في حال اقتدائه.
(١) أشباه ابن الوكيل ق ٢ ص ٥٥٩، المجموع المذهب للعلائي لوحة ٢٩٢ ب، والمنثور للزركشي جـ ١ ص ٢٤٥، أشباه السيوطي ص ٤٠٥. والموافقات للشاطبي جـ ٢ ص ٢٢٧ فما بعدها بتفصيل واف.