كالمباشر في وجوب الضّمان، وهذا مفهوم القاعدة الثّالثة. والمباشر ضامن تعدّى أو لم يتعدّ.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
إذا تزوّج رجل طفلة في سنّ الرّضاع - أي عقد عليها - وله زوجة كبيرة فأرضعتها، فقد فسد النّكاح بين الرّجل وزوجتيه كلتيهما؛ حيث إنّ الصّغيرة قد أصبحت بنتاً له من الرّضاع فحرمت عليه حرمة مؤبّدة - ويرجع على المرضعة - إن كانت تعمّدت الإرضاع لفسخ النّكاح - يرجع عليها بنصف المهر؛ لأنّه لمّا فسخ النّكاح قبل الدّخول وجب للصّغيرة نصف المهر. وأمّا إذا لم تكن متعمدّة بأن أخطأت، أو أرادت الخير بأن خافت على الرّضيع الهلاك من الجوع لم يرجع عليها بشيء عند الجمهور. وأمّا عند محمَّد بن الحسن فيرجع عليها بنصف المهر سواء تعمّدت أم لم تتعمّد. وعند الشّافعي رحمه الله يرجع عليه بالمهر كلّه؛ لأنّها أتلفت عليه ملك نكاحه فيها (١).
وكذلك يفسخ نكاح الكبيرة ويبطل؛ لأنّها أصبحت أمّاً للصّغيرة بالرّضاع، والعقد على البنات يحرّم الأمهات. فحرمتا معاً.
ومنها: حافر البئر في ملك نفسه لا يضمن ما سقط فيها بخلاف الحافر في الطّريق أو في ملك الغير بغير إذن. وعند أبي حنيفة يضمن لأنه يشترط سلامة العاقبة - كما سبق بيانه.
وعند محمَّد بن الحسن يضمن أيضاً؛ لأنّ عنده المتسبّب كالمباشر، والمباشر يضمن في العمد والخطأ.