الواجب إلا به فهو واجب" فالواجب على المكلّف البعد عن المحرّم، فإذا اشتبه محرّم مع مباح فلا يتمّ التّيقّن من ترك المحرّم إلا بترك المباح المشتبه.
فمفاد الحديث القاعدة: أنّه إذا اجتمع حلال وحرام في موضع واحد، واشتبها بحيث لا يمكن التّفريق بينهما فإنّه يغلب جانب التّحريم احتياطاً. وبلفظ آخر أنّه إذا تلاقى محرّم ومباح وعسر التّمييز بينهما فإنّه يجب ترك المحرّم بعلّة التّحريم وترك الحلال المشتبه بعلّة الاشتباه؛ لأنّ (من اتّقى الشّبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه).
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
إذا اشتبهت منكوحة بأجنبيات محصورات لم يحلّ الزّواج بواحدة منهنّ لاحتمال أن يقع على المحرّمة.
ومنها: إذا كان أحد أبوي المرأة كتابيّاً والآخر مجوسيّاً، ففي حلّ المناكحة خلاف، والأصح التّحريم.
ومنها: إذا أكل الكلب المعلّم من الصّيد في موضعه فالصّحيح تحريمه.
ومنها: الرّكبة من العورة؛ لاجتماع عظم الفخذ وعظم السّاق فيها. وعظم الفخذ عورة فغُلِّب جانبه.
رابعاً: ممّا استثني من مسائل هذه القواعد وغُلِّب الحلال:
إذا رمى سهماً إلى طائر أو حيوان فجرحه ثمّ وجده ميّتاً وليس فيه إلا أثر سهمه فإنّه يحلّ. كما رجّحه النّووي رحمه الله.