حاجة الإنسان، وما يحسُّ به من مشاعر وما يكنّه ضميره من أفكار وخواطر جعل الله عَزَّ وَجَلَّ له طرقاً للتّعبير عنها، ونقلها إلى غيره ليفهموه، ويلبّوا له حاجاته وما يريد، هذه الطّرق أساسها وأصلها اللّسان المعبِّر عما في الضّمير والنّاطق بما في النّفس، ولكن قد يُعتقَل اللّسان أو يبعد الإنسان ويحتاج لنقل أفكاره والتّعبير عن حاجته بغير اللّسان، فهداه الله سبحانه وتعالى إلى الكتابة والخط.
فمفاد هذه القواعد: أنّ الكتاب والخطّ مُعتبر في الدّلالة على ما في النّفس كالخطاب الشّفوي، وينبني عليه ما ينبني على الخطاب، لكن بشرط أن يكون مكتوباً ومعنوناً بما هو معهود ومعروف بين النّاس.
ملحوظة هامّة: في هذا العصر الذي نعيشه شاع بين النّاس علمائهم وجهالهم أخطاء تعبيريّة قلّما يلتفتون إليها، ومنها إطلاق اسم الخطاب على الكتاب أو الرّسالة فيقولون: وصلنا خطاب من فلان، أو بناءً على خطابنا رقم كذا وتاريخ كذا. وهذا تعبير خطأ، وإن كان شائعاً, لأنّ الخطاب لا يطلق إلا على المشافهة، وما كتب يسمى كتاباً أو رسالة أو مكتوباً.