المراد بالعلة هنا السبب - وقد سبق معناهما - فمفاد القاعدة: أنه إذا وجدت علة أو سبب لأمر ما أو تصرف وجب الحكم المترتب عليهما؛ لأن الحكم يتبع العلة أو السبب وجوداً وعدماً، فلا يقبل بعد ثبوت وجود العلة أو السبب دعوى وجود مسقط للحكم ومبطل له.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
إذا وضع إنسان في طريق عام سيفاً مغروساً، أو لغماً متفجراً، أو أخرج من بيته حديداً معترضاً الطريق فأصاب إنساناً فقتله، ففي مسألة السيف المغروس والحديد المعترض على عاقلة الذي وضع السيف أو الحديد الدية؛ لأن الواضع متعد في تسببه متى شغل طريق المسلمين بما وضعه فيه، بخلاف اللغم المتفجر فإن على واضعه القصاص؛ لأنه متعمد للقتل ومريد له، واللغم غير ظاهر بخلاف السيف والحديد.
ثم لا يقبل دعوى الواضع أن المجروح مات بسبب آخر؛ لأن الجرح من السيف أو الحديد أو غيره علة موجبة للضمان، وبعد وجود العلة لا تقبل دعوى العارض المسقط.