سبق بيان أنّ ما وجب شرعاً لا يحتاج إلى الحكم أو القضاء لإثباته، لكن هذه القاعدة - وإن كان ظاهرها معارضة القاعدة السّابقة - لكن موضوعها ومجالها مختلف. وهي وإن كانت تتعلّق بالنّفقات التي تجب على الإنسان شرعاً، ولكنّها تختصّ بجانب منها وهو متى تجب هذه النّفقة وتثبت في ذمّة المنفق وتصبح ديناً عليه إذا لم يؤدّها في وقتها.
فعند الحنفيّة: إنّ النّفقة الواجبة إذا لم يؤدّها مَن تجب عليه في وقتها - تسقط المطالبة بها - ولا تصبح ديناً في ذمّة من تجب عليه إلا بأحد أمرين: الأمر الأوّل: - وهو موضوع القاعدة - أنّ القاضي إذا فرض نفقة للزّوجة - أي حدّد مقدارها - على زوجها أو لمن يجب عليه إعالته، أنّه في هذه الحال إذا لم ينفق عند الحاجة كما أمره القاضي وتخلّف عن الإنفاق، أنّ هذه النّفقة تصبح ديناً في ذمّته يجب عليه أداؤه.
والأمر الثّاني: أنّها تجب إذا اصطلحا على مقدار النّفقة، فتجب