للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً: معنى هذه القواعد ومدلولها:

البرهان: المراد به الحجة الي يثبت بها المدعى، وهي البينة: والمراد بها الشهود العدول.

العيان، المعاينة: المشاهدة والرؤية بالعين.

فكل هذه القواعد تفيد أن المدعى به إذا ثبت بشهادة الشهود العدول فيثبت به الحق ويكون في قوة المثبت بالمشاهدة والمعاينة في إلزام الخصم، وكأن القاضي حينما يثبت الحق بالشهادة أثبته بعلمه القاطع بالواقعة أو بإقرار الخصم المدعى عليه بل هو في ثبوته أقوى من الثابت بالإقرار؛ لأن الثابت بالإقرار إنما يلزم المقر فقط ولا يتعداه إلى غيره؛ لأن الإقرار حجة قاصرة وأما الثابت بالبينة فهو يتعدى إلى كل من له علاقة بالدعوى سواء المشهود عليه أو غيره إذا اتحد السبب. ومع أن الشهود قد يكونون كاذبين - مع عدالتهم الظاهرة, وقد يكونون مخطئين في شهادتهم، ولكن الشرع الحكيم أوجب قبول الشهادة إذا استوفت شروطها، وأوجب إثبات الأحكام بها - إذا لم يكن إقرار عن المدعى عليه، وذلك ثابت بقوله سبحانه وتعالى: {وَاسْتشْهِدُواْ} (١)، {وَأَشْهِدَواْ} (٢) والأمر للوجوب. ومع أن الشهادة إنما تفيد غلبة الظن بصدق الشهود ولا تفيد العلماء القطعي، ولكنا متعبدون بغلبة الظن وبناء الأحكام عليها, لأن الله سبحانه وتعالى: لا يكلف نفساً إلا وسعها، والحكم بالقطع في أغلب الأحيان عسير. وقد ثبت اعتبار البينة والحكم بها بفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقوله: "البينة على المدعي واليمين على المدعى


(١) الآية ٢٨٢ من سورة البقرة.
(٢) الآية ٢٨٢ من سورة البقرة، الآية ٢ من سورة الطلاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>