" أصل مالك رضي الله عنه تقديم مراعاة ما لا بد منه على ما منه بد وإن كان دونه في الطلب (١) ".
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
الأمور من حيث أهميتها مراتب فمنها الأهم ومنها المهم، ومنها ما دون ذلك، ومنها ما لا بد للإنسان منه، أو ما لا بد للعبادة من وجوده أو انتفائه، ومنها ما يمكن للإنسان أن يستغني عنه أو تصح العبادة بدونه، فعند التعارض يقدم الأهم على ما دونه، ويقدم ويراعى ما لا تتم العبادة على وجهها الصحيح إلا به يقدم على ما يمكن أن تتم بدونه أو أن وجوده يفسدها. ولو كان ما يقدم ويراعى دون غيره في الحاجة إليه.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
من مشى بخفه على ما لا يجزيء فيه الدلك من النجاسة - كالنجاسة السائلة - ولا يوجد ماء لكي يغسله أو يغسل قدميه يجب عليه خلع خفه ثم ينتقل إلى التيمم ولا يصلي على حاله. فهنا قدم صحة الصلاة بالتيمم - وهو الأمر الذي لا بد منه - على خلع الخف النجس - وإن كان لابسه متوضئاً.
ومنها: من رعف ورجا أن يتقطع الرعاف قبل خروج الوقت جاز له تأخير الصلاة إلي آخر الوقت الضروري، وقيل الاختياري - فهنا أيضاً قدم وروعي صحة الصلاة بطهارة تامة مع تأخيرها، على أدائها في أول وقتها مع النجاسة، وهي دم الرعاف السائل.
(١) قواعد المقري القاعدة الثالثة والخمسون جـ ١ صـ ٢٧٤.