للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما في الاصطلاح فالتحري: هو طلب الأحرى وهو الصواب.

فالتحري والاجتهاد والتأخي بمعنى (١). وقالوا: التحري هو التثبت في الاجتهاد لطلب الحق والرشاد عند تعذر الوصول إلى حقيقة المطلوب والمراد (٢).

فمفاد القواعد: أن التحري هو الاجتهاد في الوصول إلى الأولى من الأمرين إذا التبس الأمر واشتبه ولم يمكن الوصول إلى حقيقة المطلوب والمراد لانعدام الأدلة. وهذا يستلزم التثبت والتمكث والتأني فما غلب على ظن المجتهد أنه الحق أو أقرب إلى الحق اتبعه وحكم به، فالتحري في هذه الحال يقوم مقام الدليل الشرعي عند انعدام الدليل الواضح على المسألة المطلوب بيان حكمها.

ولكن ليس كل ما اشتبه يجوز التحري فيه إذ يشترط فيما يجوز فيه التحري أن يكون من الأمور التي تحلها وتبيحها الضرورة، فما لا تحله الضرورة لا يجوز فيه التحري والاجتهاد، وخاصة ما يتعلق بالفروج والنساء حيث لا يحل فيه التحري؛ لأنه لا يحل ولا يباح في الضرورة.

ثالثاً: من أمثلة هذه القواعد ومسائلها:

من اشتبهت عليه جهة القبلة فيجب عليه التحري والاجتهاد، فما غلب على ظنه أنه جهة القبلة توجه إليها وصلى. وصلاته صحيحة حتى ولو تبين خطؤه بعد ذلك.

ومنها: إذا اختلطت ثياب طاهرة بنجسة وليس معه ثياب غيرها ولا ما


(١) تحرير ألفاظ التنبيه ص ٣٣.
(٢) أنيس الفقهاء ص ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>