فمفاد القاعدة الأولى: أنّه إذا كان للفظ معنى حقيقي ومعنى مجازي، والمعنى الحقيقي يستعمل تارة وتارة، فعند أبي حنيفة رحمه الله إنّ المعنى الحقيقي هو المرجّح مع عدم إهمال المعنى المجازي. وأمّا عند صاحبيه أبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهما الله تعالى فإنّ المعنى المجازي هو الرّاجح لكثرة استعماله. وعند غيرهم فالمعنيان مستعملان.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
إذا حلف لا يشرب من هذا النّهر، فعند أبي حنيفة يحنث إذا كرع منه بفمه - وهذا المعنى الحقيقي للشّرب من النّهر - وأمّا عند الصّاحبين فإنّه يحنث إذا شرب منه بيده أو بكوز؛ لأنّه المتعارف. والكرع وإن كان مستعملاً فهو قليل جداً.
ومنها: إذا أوصى شخص لأولاد فلان - وكان لفلان أولاد صلبيّون وحفدة، فإذا استعملنا الحقيقة كانت الوصيّة للأولاد الصلبيّين فقط، وبهذا قال بعضهم - كما سبق قريباً. وقال آخرون يدخل في الوصيّة ولد الولد أيضاً حملاً للكلام على الحقيقة والمجاز معاً.
ومنها: إذا حلف لا يأكل من هذا الدّقيق. فاستفّه. فهو يحنث عند أبي حنيفة رحمه الله ولا يحنث عند صاحبيه؛ لأنّ استفاف الدّقيق مهجور عرفاً وعادة، لكن لو أكل من خبز معجون ملى هذا الدّقيق فإنّه يحنث عند الكلّ.