لها، وأقرب مثال لذلك قواعد الأصول وخاصة عند الحنفية حيث استنبطت من خلال أحكام المسائل الفرعية المنقولة عن الأئمة الأقدمين، ولم يقل أحد إنه لا يجوز لنا أن نستند إلى تلك القواعد لتقرير الأحكام واستنباطها.
وكذلك قواعد اللغة العربية التي استنبطها علماء اللغة من خلال ما نطق به العرب الفصحاء قبل أن تشوب ألسنتهم المعجمة واللحن، وهي القواعد التي يستند إليها في استنباط أحكام اللغة والبناء عليها.
ولم يقل أحد إن هذه القواعد لا تصلح لاستنباط أحكام العربية لأنها ثمرة للفروع الجزئية.
وأما احتجاجهم بأن القواعد الفقهية كثيرة المستثنيات فيمكن أن يستنبط حكم المسألة من قاعدة وتكون هذه المسألة خارجة ومستثناة عن تلك القاعدة فهذا قد أجبنا عنه فيما سبق.
وقد قال القرافي رحمه الله في حديثه عن أدلة مشروعية الأحكام - قال:- الاستدلال: هو محاولة الدليل المفضي إلى الحكم الشرعي من جهة القواعد لا من جهة الأدلة المنصوبة وفيه قاعدتان: قال: القاعدة الثانية: "إن الأصل في المنافع الإذن، وفي المضار المنع" بأدلة السمع لا بأدلة العقل - خلافاً للمعتزلة - وقد تعظم المنفعة فيصحبها الندب أو الوجوب مع الإذن، وقد تعظم المضرة فيصحبها التحريم على قدر رتبتها. فيستدل على الأحكام بهذه القاعدة إلى أن قال: يعلم ما يصحبه الوجوب أو الندب أو التحريم أو الكراهة من الشريعة وما عهدناه في تلك المادة (١)
والله أعلم
(١) شرح تنقيح الفصول ٤٥٠ - ٤٥١ بتصرف، وينظر المحصول للرازي ق ٣ جـ ٢ صـ ١٣١ فما بعدها.