للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسوة - فقال: فسخت نكاح هذه - فإن نوى به الطلاق كان تعييناً لاختيار النكاح، وإن نوى الفراق أو أطلق حمل على اختياره الفراق. وفيما لو وطيء أمة بشبهة وهو يظنها زوجته الحرة فإن الولد ينعقد حراً. وفيما لو تعاطى فعل شيء مباح له وهو يعتقد عدم حله، كمن وطيء أمرأة يعتقد أنها أجنبية وأنه زان بها فإذا هي حليلته، أو قتل من يعتقده معصوماً فبان أنه يستحق دمه، أو أتلف مالاً لغيره فبان ملكه.

قال الشيح عز الدين (١) يجري عليه حكم الفاسق لجرأته على الله لأن العدالة إنما شُرطت لتحصل الثقة بصدقه وأداء الأمانة، وقد انخرمت الثقة بذلك لجرأته بارتكاب ما يعتقده كبيرة.

قال: وأما مفاسد الآخرة فلا يعذب تعذيب زانٍ ولا قاتل، ولا آكلٍ مالاً حراماً، لأن عذاب الآخرة مرتب على ترتب المفاسد في الغالب، كما أن ثوابها مرتب على ترتب المصالح في الغالب.

قال: والظاهر أنه لا يعذب تعذيب من ارتكب صغيرة لأجل جرأته، وانتهاك الحرمة، بل عذاباً وسطاً بين الصغيرة والكبيرة (٢).

وعكس هذا من وطيء أجنبية وهو يظنها حليلته، لا يترتب عليه شيء من العقوبات والمؤاخذات المترتبة على الزاني، اعتباراً بنيته ومقصده.


(١) الإمام المحدث الفقيه سلطان العلماء عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الدمشقي، عز الدين أبو محمد بلغ رتبة الإجتهاد. ولد بدمشق سنة ٥٧٧. وتوفي بالقاهرة سنة ٦٦٠ هـ له كتب التفسير الكبير، والإلمام في أدلة الأحكام، والقواعد الكبرى والصغرى إلى غير ذلك من الكتب المهمة. الأعلام باختصار. وله ترجمة في فوات الوفيات وطبقات السبكي وغيرهما.
(٢) قواعد الأحكام صـ ٢٢ بتصرف في العبارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>