الجريح لم يزل صاحب فراش حتى مات، وزُكِّي أحد شاهدي اليد وأحد شاهدي الرِّجل. لم يؤخذ القاطع بشيء؛ لأنّ واحداً من الفعلين لم يثبت عند القاضي؛ لأنّ العدل من الشّهود بكلّ فعل واحد. وشرط الإثبات عند القاضي عدالة الشّاهدين على كلّ فعل. فلمّا لم يثبت ذلك تعذّر القضاء بالحكم لتعذّر القضاء بالسّبب.
لكن لو زُكي شاهدا اليد أو الرِّجل وشهدا أنّ الجريح ما زال صاحب فراش حتى مات، والولي يدّعي العمد، لثبت السّبب عند القاضي ووجب الحكم والقضاء به على القاطع بالقصاص، ولا يجوز نفي الحكم بعد تقرّر سببه.
ومنها: إذا ادّعى شخص على آخر مالاً أنّه أقرضه إيّاه، وأقام شاهدين مقبولي الشّهادة فإنّ القاضي يحكم بالمال بناء على قضائه بالسّبب الثّابت بشهادة الشّاهدين. ولا يجوز له نفي حكم الفعل بعد تقرّر السّبب.
ومنها: إذا حلق شخص رأس محرم وهو نائم أو مكرَه - فعند الحنفيّة - يجب على المحلوقة رأسه الفدية وهي الدّم؛ لأنّ النّوم أو الإكراه لا يخرج المكرَه من أنّ يكون مؤاخذاً بحكم الفعل، ولكن ينتفي عنه الإثم، ولكن لا ينتفي حكم الفعل إذا تقرّر سببه.
والسّبب هنا: ما نال المحرم من الرّاحة والزّينة بحلق رأسه. وأمّا عند الشّافعي رحمه الله فلا شيء عليه؛ لأنّ الإكراه عنده يخرج المكرَه أن يكون مؤاخذاً بحكم الفعل وكذلك النّائم.