ولذلك لا يجوز بناء الحكم على أساس هذه القواعد، ولا يسوغ تخريج أحكام الفروع عليها، ولكنها تعتبر شواهد مصاحبة للأدلة يستأنس بها في تخريج الأحكام للوقائع الجديدة قياساً على المسائل الفقهية المدوَّنة.
هكذا قالوا:
وأقول: هذا الذي قالوه لا يؤخذ على إطلاقه حيث إن القواعد الفقهية تختلف من حيث أصولها ومصادرها أولاً، ثم من حيث وجود الدليل على حكم المسألة المبحوث عنها ثانياً.
فمن حيث أصول القواعد ومصادرها فقد عرفنا في المقدمة السابقة أن من القواعد الفقهية ما كان أصله ومصدره من كتاب الله سبحانه وتعالى أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. أو يكون مبنياً على أدلة واضحة من الكتاب والسنة المطهرة، أو مبنياً على دليل شرعي من الأدلة المعتبرة عند العلماء، أو تكون القاعدة مبنية على الاستدلال القياسي وتعليل الأحكام.
فإذا كانت القاعدة نصاً قرآنياً كريماً فهي قبل أن تكون قاعدة أو تجري مجرى القواعد فهي دليل شرعي بالاتفاق فهل إذا جرى النص القرآني مجرى القاعدة خرج عن كونه دليلاً شرعياً معمولاً به، ولا يجوز تقديم غيره عليه؟.
من أمثلة ذلك:
قوله سبحانه وتعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}(١) فهذا النص الكريم دليل شرعي يفيد حل البيع وحرمة الربا، وهو في نفس الوقت