فالنّهي - كما سبق بيانه - هو طلب ترك الفعل طالباً جازماً - والنّهي يفيد تحريم المنهي عنه إذا لم توجد قرينة تصرفه عن ذلك إلى الكراهة.
والمنهي عنه إمّا أن يكون من الأفعال الحسّيّة كالزّنا والّلواط والسّفه وغيرها فالمقتضي للنّهي فيها إنّما هو القبح لعينه فهذه الأمور محرّمة لعينها، وقد يكون القبح لغيره، لكن ورد التّحريم فيه نصّاً، فلا خلاف في حرمته كالزّنا - مثلاً - حرام لعينه وقبيح لغيره لما فيه من تضييع النّسب وإسراف الماء.
وإمّا أن يكون المنهي عنه من الأفعال الشّرعيّة وهي ما كان موضوعاً في الشّرع لحكم كالصّوم والصّلاة والعبادات والبيع من المعاملات وغيرها. فعند الحنفيّة أنّ النّهي عن الأفعال الشّرعيّة يعتمد مشروعيّة تلك الأفعال، ولا يمنع صحّة الشّروع فيها؛ باعتبار أنّ الشّارع الحكيم لا ينهى. عن شيء كان مشروعاً، وإنّما النّهي عن القبح لغير المشروع وصفاً، فيصحّ المنهي عنه بأصله وإن فسد بوصفه؛ لأنّ كون الفعل مشروعاً بأصله يمنع جريان النّهي عليه.
والمنهي عنه لغيره أنواع:
١ - إمّا أن يكون المنهي عنه لأجل وصف فيه قبح.
٢ - وإمّا أن يكون النّهي لمجاور، كوطء الحائض، فإنّ النّهي عن قربانها لأجل المجاور وهو الأذى. ولذلك فعند الحنفيّة يثبت بوطء الحائض النّسب والحلّ للزّوج الأوّل.