وكذلك العلامة ابن نجيم الحنفي (٩٧٠ هـ) ألف على طراز ابن السبكي والسيوطي كتابه "الأشباه والنظائر" وهو يعتبر خطوة متقدمة، لأنه بعد انقطاع مديد ظهر مثل هذا الكتاب في الفقه الحنفي. وتهافت عليه علماء الحنفية تدريساً وشرحاً.
وهكذا أخذ هذا العلم في الاتساع مع تعاقب الزمان دون انقطاع في القرن الحادي عشر وما بعده من قرون، ومن هنا يمكن القول بأن الطور الثاني وهو طور النمو والتدوين "للقواعد الفقهية" الذي بدأ على أيدي الإمامين الكرخي والدَّبوسي، أوشك أن يتم ويَتَنسَّق بتلك المحاولات المتتالية الرائعة على امتداد القرون.
بعد هذا الاستعراض الوجيز لما تم ونضج في المرحلة الثانية لا بد من الوقوف وقفة إزاء تلك الجهود العلمية البناءة.
فيا تُرى هل جرى وضع القواعد الموجودة في المؤلفات المستقلة على أيدي مصنفيها، أو إنما هي مرحلة تدوينية فحسب استتبعت جهوداً سابقة في هذا المجال؟ فالذي يتبادر إلي الذهن وما يشهد له الواقع أن المدونين للقواعد اقتبسوها بصفة عامة من المصادر الفقهية الرئيسية الأصلية، كُلٌّ من كتب مذهبه، كما نتلمح ذلك عند تقليب النظر في مصادر الفقه القديمة، حيث وردت القواعد فيها بصورة متناثرة في أماكن مختلفة.
لا يتنافى ذلك مع كون بعض المؤلفين الذين كانوا يتمتعون بملكة ورسوخ في الفقه مثل ابن الوكيل وابن السبكي والعلائي ربما تمكنوا من وضع بعض القواعد التي لم ترد في كتب السابقين كما تبدو هذه الظاهرة من خلال المدونات الموجودة بين أيدينا وأحياناً صاغوا بعض عبارات الأقدمين التي حملت سمة القواعد صياغة متقنة جديدة.