للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميعه، ولو كان مسح البعض يجزئ، لاقتصر على ما مسح من الناصية، فتماديه بالمسح على الحائل -وهي العمامة- كالمسح على الخفين.

وقيل: ومحمل مسحه على العمامة أن ذلك كان لأمر أوجب ذلك، إما لفساد هواء يخشى مع الكشف أذاه، أو لعارض كان برأسه.

ولم يُختلف أنه لا يجزئ في التيمم مسح بعض الوجه، وإن كان الخطاب فيه بـ (الباء). ولا حجة في كونه بدلًا من الوضوء؛ لأن التيمم في اليدين يجزئ إلى الكوعين (١)، والأصل في ذلك العضو في الوضوء بالماء إلى المرفقين، وليست الباء ها هنا للتبعيض؛ لأنه يجوز أن يقال: امسح برأسك كله، ولو كانت للتبعيض لكان كلامًا متنافيًا ولم يصح أن يؤكده بـ"كله". ويجوز أن يقول: امسح ببعض رأسك، فلو كانت الباء للتبعيض لكان الكلام مستحيلًا، أو يكون أمر ببعض البعض؛ لأن الباء عنده للتبعيض، ويصير الأمر بالبعض من بعض الأول، وهذا مما لا يفهمه أحد من قول الرجل: امسح ببعض رأسك: وهو بمنزلة قوله -عز وجل-: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} [الغاشية: ٢٢]، {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} [يوسف: ١٧].

واختلف إذا ذهب الماء من اليد قبل استيعاب مسح جميع الرأس، فقال أشهب في سماعه عن مالك: قلت: أحب إليك أن يمسح مرتين مرتين (٢)؟ قال: ذلك يختلف بكثرة الماء، فتكون المسحة الواحدة، وبقلته (٣) فتكون اثنتين.


(١) الكُوعُ: طرَفُ الزند الذي يلي أَصلَ الإِبْهامِ، وقيل: هو من أَصل الإِبْهام إِلى الزَّنْدِ. انظر: لسان العرب: ٨/ ٣١٦.
(٢) قوله: (مرتين) زيادة من (ب).
(٣) في (س): (وقيل).

<<  <  ج: ص:  >  >>