للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجتمعون، وأسقطت الإقامة على القول الآخر للثانية؛ لأن الإقامة أذان في الحقيقة، فالأول إعلام بدخول الوقت ليأخذوا في الطهارة والأهبة للصلاة، والثاني إعلام للدخول في الصلاة ليأتي من لم يأت، وكل واحد منهما متضمن للدعاء إلى الصلاة بقوله فيهما: حي على الصلاة، حي على الفلاح، وفي الصحيحين (١) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ لمِنْ شَاءَ" (٢) يريد: التنفل بين الأذان والإقامة، فسمى الإقامة أذانًا، فإذا سقطت الإقامة للثانية- جاز للفذ ألا يقيم. وهو قول الشعبي والأسود ومجاهد والنخعي وعكرمة وأحمد (٣) وأصحاب الرأي.

وقال مالك في المبسوط فيمن أتى المسجد فوجد الناس صلوا، فقال: يقيم لنفسه أحب إلي من أن يصلي بغير إقامة. فاستحب ذلك ولم يره سنة.

وقال محمد بن مسلمة في المبسوط أيضًا: إنما الإقامة لمن يقيم (٤) لنفسه ولمن يأتي بعده، فإن دخل معه أحد كان قد أقام له.

واختلفت الأحاديث في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمزدلفة، فظاهر حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - "أَنَّهُ صَلَّاهُمَا بِأَذَانَيْنِ وَإِقَامَتَيْنِ" (٥). وفي مسلم من طريق جابر بن عبد الله "أنه بِأَذَانٍ وَاحِد وَإِقَامَتَيْنِ" (٦). وفي الموطأ من حديث أسامة


(١) في (ر): (الحديثين الصحيحين).
(٢) متفق عليه، أخرجه البخاري: ١/ ٢٢٥ في باب كم بين الأذان والإقامة ومن ينتظر الإقامة، من كتاب الأذان، برقم (٥٩٨)، ومسلم: ١/ ٥٧٣ في باب بين كل أذانين صلاة، من كتاب صلاة المسافرين. وقصرها، بر قم (٨٣٨) عن عبد الله بن مغفل المزني - رضي الله عنه -.
(٣) قوله: (وأحمد) ساقط من (ش ٢).
(٤) في (س): (يؤم).
(٥) أخرجه البخاري: ٢/ ٦٠٤، في باب متى يصلي الفجر بجمع صلاة الفجر بالمزدلفة، من كتاب الحج، برقم (١٥٩٩).
(٦) أخرجه مسلم: ٢/ ٨٨٦، في باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - من كتاب الحج، برقم (١٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>