والتنظيف ونحو ذلك. وهذه النية هي التي توجد كثيراً في كلام الفقهاء.
والمعنى الثاني بمعنى تمييز المقصود بالعمل وهل هو لله وحده لا شريك له أو لله وغيره. وهذه هي النية التي يتكلم بها العارفون في كتبهم في كلامهم على الإخلاص وتوابعه، وهي التي توجد كثيراً في كلام السلف، وهي النية التي يتكرر ذكرها في كلام النبي صلى الله عليه وسلم تارة بلفظ النية، وتارة بلفظ الإرادة، وتارة بلفظ مقارب لذلك. وقد جاء ذكرها كثيراً في كلام الله عز وجل بغير لفظ النية أيضاً من الألفاظ المقاربة لها، وإنما فرَّق مَنْ فَرَّقَ بين النية وبين الإرادة والقصد ونحوهما لظنهم اختصاص النية بالمعنى الأول الذي يذكره الفقهاء فمنهم من قال: النية تختص بفعل الناوي، والإرادة لا تختص بذلك؛ كما يريد الإنسان من الله أن يغفر له ولا ينوي ذلك. والنية في كلام النبي صلى الله عليه وسلم وسلف الأمة إنما يراد بها المعنى الثاني غالباً، فهي حينئذٍ بمعنى الإرادة، ولذلك يعبر عنها بلفظ الإرادة في القرآن كثيراً، كما قد يعبر عنها بلفظ الابتغاء (١).
ومن هنا نستطيع القول إن النية والإرادة والقصد والعزم والابتغاء والانبعاث ألفاظ تؤدي معنى متقارباً، إذ تدل جميعها على توجه القلب نحو المقصود المراد، والله أعلم، وتطلق الإرادة على الله تعالى ولا يطلق عليه غيرها.