عند عبد الله) هو ابن مسعود حيث أُطلق (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما [من] رأى الناس) أي: أهل مكة، (إدبارًا) أو هذه اللام للعهد بدلالة الحال دعا عليهم (اللهم سبعًا كسبع يوسف) أي: اجعل عليهم، أو سلط سبعًا (فأخذتهم سنة) أي: قحط؛ علم بالغلبة (حصت كلّ شيء) أي: أذهبت بأصله وفرعه (حتى أكلوا الجلود، والميتة، والجيف) والجيف جمع جيفة؛ وهي: جثة الميت؛ إذا أنتنت من عطف الخاص على العام (فأتاه أبو سفيان) ابن حرب أبو معاوية، هذا كلّ العجب، يكذبونه ثم في الشدائد يرْغبون إليه (فالبطشة يوم بدر وقد مضت الدّخان) وهو الذي كان يراه واحد منهم بين السماء والأرض يشبه الدخان لغاية الجوع (والبطشة واللزام) كلاهما يوم بدر، البطشة: قتل صناديدهم. واللزام: لما أُلقوا في القليب بعضهم على بعض. (وآية الرّوم) غلبت الروم على فارس؛ كما أخبر الله {غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ}[الروم: ٢ - ٤].
حديث عبد الله صريح في أن هذا الدعاء عليهم كان ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة، وحديث أبي هريرة ودعاؤه للمستضعفين صريح في أنه كان ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، فيجب حمله على أنه دعا عليهم مرّتين. وفي الحديث دلالة على جواز الدعاء على الكفرة والظلمة إذا حصل اليأس من رجوعهم، وذكر بعض الشارحين أن عبد الرحمن بن أبي بكر كان في صف المشركين يوم بدر، فإذا أقبل على القتال دعا عليه أبو بكر وامرأته؛ وإذا أدبر دعوا له. ولا أظن لهذا صحة؛ لأنّ أهل بدر مضبطون، ولم يذكر أحد فيهم المرأة، والذي صحّ من حديثه أن الصديق دعاه إلى المبارزة، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "متعنا بنفسك يا أبا بكر".