١٨٦ - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ شَهِدْتُ عَمْرَو بْنَ أَبِى حَسَنٍ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ عَنْ وُضُوءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ، فَتَوَضَّأَ لَهُمْ وُضُوءَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَكْفَأَ عَلَى يَدِهِ مِنَ التَّوْرِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي التَّوْرِ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ
ــ
باب: غسل الرجلين إلي الكعبين
١٨٦ - (وهيب) بضم الواو على وزن المصغر (شهدتُ عمروَ بنَ أبي حَسَنٍ سأل عبد الله بن زيد عن وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
فإن قلتَ: روى الحديث في باب الوضوء من التور وذكر هناك أن السائل جد عمرو، وهنا عمرو؟ قلتُ: أجاب بعضُهم بأنه يجوزُ أن يكون عمرو بن أبي حسن جدًّا لعمرو بن يحيى من جهة الأم، وإن كان عمًّا لأبيه. وهذا الذي قاله رجمٌ بالغيب ارتكبه لرفع الإشكال، ولا ضرورة إليه لجواز أن يكون كلٌ من عمارة -وهو جدّ عمرو بن يحيى- وعمرو -وهو أخو عُمارة- سائلًا. وقال شيخ الإسلام: اجتمع عند عبد الله بن زيد أبو الحسن وابنه عمرو وابن ابنه يحيى بن عمارة بن أبي حسن، فالسائل حقيقة عمرو بن أبي حسن، والنسبة إلى الغير مجاز. هذا والذي ذكرنا أوفق.
(فدعا بتَوْر من ماء) -بالتاء المثناة فوق- إناء من الحجارة، أو من الصفر نحو الإجانة (فاستنشق واستنثر) قد تقدم أن الاستنشاق جذبُ الماء إلى الخيشوم، والاستنثار من النثر وهو تحريك النثرة وهو طرف الأنف، أو من النثر وهو التفريق. والكلام في دخول الكعبين في الغسل مثل الكلام في المرافق. والكعبان هما العظمان الناتئان على مفصل القدم والساق باتفاق الفقهاء. والقول بأن الكعب عند أبي حنيفة هو العظم الشاخص في ظهر القدم غلط من قائله، بل ذلك في لبس الخف والإحرام قال في "الهداية" في باب الإحرام: والكعبُ هنا المفصل الذي في وسط القدم عند معقد الشراك دون الناتئ في ما رواه هشام عن محمد.
فإن قلتَ: ما السرّ في ذكره المرافق بلفظ الجمع، والكعب بلفظ المثنى؟ قلتُ: عَدَل عن ذلك الأسلوب دلالة على أن كل رِجل له كعبان بخلاف اليد مع المرفق لئلا يذهب الوهم إلى أن الكعب هو العظم الشاخص على وسط القدم.