وَرَأَى ذَلِكَ عَلِىٌّ فِي أَرْضِ الْخَرَابِ بِالْكُوفَةِ مَوَاتٌ. وَقَالَ عُمَرُ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهْىَ لَهُ. وَيُرْوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ «فِي غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ فِيهِ حَقٌّ. وَيُرْوَى فِيهِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
ــ
باب من أحيا أرضًا مواتًا
الموات بفتح الميم والواو: عند الشَّافعيّ أرض لم تعمر قط، أو كانت عمرت في الجاهلية ثم خربت؛ وأمّا إذا عمرت في الإِسلام فهو من الأموال الضائعة. وقال الإِمام أَحْمد: هي كل أرض لا يعلم أنها ملكت. وقال أبو حنيفة: كل أرض لا يعلم صاحبها، وإن كانت إسلامية، وكان بعدُها عن العمارة بحيث لو وقف واقف من طرف العامر ونادى لم يسمع له الصوت.
(ورأى ذلك عليّ في أرض الخراب بالكوفة) أي: الموات (ويروى عن عمرو بن عوف) عمرو بفتح العين وسكون الميم وابن عوف يكتب بدون أَلْف، فإنَّه صفة عمرو، وعمرو بن عون هذا أنصاري، حليف بني عامر بن لؤي، وهو بدري. قال الغساني: هذا الحديث عنه معروف وأكثر النسخ ضبطوه عمر -بضم العين- على أنَّه عمر بن الخَطَّاب، والواو عاطفة، وابن عوف كتب بالألف على أنَّه عبد الرَّحْمَن بن عوف، وهو غلط من قائله، وكذا القول بأن عمرًا هو البدري الأَنْصَارِيّ؛ فإن حديث ذلك في الجزية.
قال شيخنا: عمرو بن عوف هذا جد كثير بن عبد الله، وليس له في البُخَارِيّ سوى هذا الحديث.
(وقال في غير حق مسلم) إن زاد ابن عوف على قول عمر (من أحيا أرضًا ميتة فهي له) إذا كان في غير حق مسلم.
فإن قلت: الموات لا يكون حق مسلم، فما فائدة هذه الزيادة؟ قلت: ربما كانت مهجورة؛ فلا يظن أنها تملك بالإحياء.
(وليس لعرق ظالم فيه حق) قال ابن الأثير: يروي عرق منونًا وغير منون، والعرق بكسر العين أحد عرق الشجرة، فالظالم إذا نون العرق وصف له لصاحبه، ومحصله أن من يغرس الشجر ظلمًا في أرض الغير يقلع مجانًا.