للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُنْفِقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ، مِنْ لَدُنْ ثَدْيَيْهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَأَمَّا الْمُنْفِقُ فَلَا يُنْفِقُ شَيْئًا إِلَاّ مَادَّتْ عَلَى جِلْدِهِ حَتَّى تُجِنَّ بَنَانَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ، وَأَمَّا الْبَخِيلُ فَلَا يُرِيدُ يُنْفِقُ إِلَاّ لَزِمَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَوْضِعَهَا، فَهْوَ يُوسِعُهَا فَلَا تَتَّسِعُ». وَيُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ إِلَى حَلْقِهِ. طرفه ١٤٤٣

٢٥ - باب اللِّعَانِ

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَاّ أَنْفُسُهُمْ) إِلَى قَوْلِهِ (مِنَ الصَّادِقِينَ)، فَإِذَا قَذَفَ الأَخْرَسُ امْرَأَتَهُ بِكِتَابَةٍ أَوْ إِشَارَةٍ أَوْ بِإِيمَاءٍ مَعْرُوفٍ، فَهْوَ كَالْمُتَكَلِّمِ، لأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَجَازَ الإِشَارَةَ فِي الْفَرَائِضِ، وَهْوَ قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا). وَقَالَ الضَّحَّاكُ (إِلَاّ رَمْزًا) إِشَارَةً. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ. ثُمَّ زَعَمَ أَنَّ الطَّلَاقَ بِكِتَابٍ أَوْ إِشَارَةٍ أَوْ إِيمَاءٍ جَائِزٌ،

ــ

وموضع الدلالة هنا قوله: (ويشير إلى حلقه).

فإن قلت: ليس هنا حكم شرعي استدل به على أن الإشارة معتبرة. قلت: إشارته لا نكون إلا لفائدة شرعية، إذ لا يفعل شيئًا عبثًا.

قوله: (جبتان) روي بالنون والباء (من لدن ثُدِيّها) -بضم الثاء وتشديد الياء- جمع ثدي مثل حلى في جمع حلي. وفي رواية أبي ذر: "ثدييها" بصيغة المثنى أي: ثديي كل واحدة منهما (إلا مادت على جلده) أي: جاءت وذهبت من غاية الاتساع. ومنه قوله تعالى: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (٩)} [الطور: ٩] (تُجِن بُنَانه) أي: تستره بضم التاء وتشديد [النون]. ويروى بفتح التاء (وتعفو أثره) بالنصب أي: محاه وطمسه. ويروى بالرفع أي: اندرس.

باب اللعان وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: ٦]

اللعان: مصدر لاعن، واللعن لغة: الطرد والإبعاد، وشرعًا: ما ذكره في الكتاب أنه أربع شهادات في طرح الزوج والمرأة. وحكمه: الحرمة المؤبدة، والآية نزلت في عويمر، أو في هلال بن أمية، أو فيهما كما تقدم شرحه في سورة النور.

(وقال بعض الناس) يعترض بهذا على أبي حنيفة فإنه اعتبر إشارة الأخرس في الطلاق، ولم يعتبرها في القذف، وهذا الاعتراض ساقط؛ لأن الكتابة في الطلاق مشروعة دون

<<  <  ج: ص:  >  >>