صدر الكلام، ومآله إلى ما قلنا. وقد رواه بعضُهم هكذا: أكان كذلك وليس يقول الله عز وجل. وهذا فسادُهُ ظاهر، وكذا جعل ليس بمعنى لا، حتَّى لا يحتاج إلى الاسم لم يوجد في كلام العرب.
(إنما ذلك العرض ولكن من نُوقش في الحساب عُذّب) ذلكِ: بكسر الكاف لأنه خطابٌ لعائشة، والعرضُ النظر في عمل العبد كما يعرض السلطان عَسْكَرَهُ من غير نقاش ومبالغة في ذلك، والمناقشة السؤالُ على وجه التدقيق بالكشف عن النقير والقطمير. أصله: نَقَشَ الشوكة إذا أخرجها من جسمه بالمنقاش، وذلك لأن التقصير غالب على الناس.
قال النووي: قوله: "عذب". يجوزُ أن يكون ذلك العذاب نفس المناقشة، وأن يكون العذابُ بالنار، وهذا هو الظاهر لقوله في الرواية الأخرى:"يهلك" مكان: "يعذب". وفي الحديث فوائد إثبات الحساب وتنوعه إلى العرض والمناقشة. وفيه بيانُ فضل عائشة وقوةُ فهمها، ومقابلة السنة بالكتاب، وجواز المناظرة وغيرها، مما يظهر بالتأمل والله أعلم.
باب: ليُبَلِّغ الشاهدُ الغائبَ
(قاله ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) ذكره تعليقًا عنه بقوته لما أسنده بعده، وقد رواه عنه مسندًا في باب الحج.
قال ابنُ الصلاح: ما يذكره البخاري تعليقًا بصيغة الجزم، ليس من قبيل الضعيف، بل صحيح معروف الاتصال، وقد يفعل ذلك لكون الحديث مذكورًا في كتابه مسندًا متصلًا، وقد يفعل ذلك لأسباب أُخَر لا يصحبها خَلَلُ الانقطاع، فسقط ما يقال: إن مثل هذا التعليق يُسمى معضلًا.