٣٢ - باب مَرْجَعِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الأَحْزَابِ وَمَخْرَجِهِ إِلَى بَنِى قُرَيْظَةَ وَمُحَاصَرَتِهِ إِيَّاهُمْ
ــ
باب مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب ومخرجه إلى قريظة
كانت قريظة في عهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جاءت الأحزاب، فجاء حيي بن أخطب -وهو من النضير- إلى بني قريظة ورئيسهم كعب بن أسد فقفل عليه الباب وقال: يا حيي أنت رجل مشؤوم وتقاولا حتى قال حيي: إنما قفلت باب الحصن لئلا آكل خبزك، ففتح له الباب ولم يزل يدعوه إلى نقض العهد، وحلف أنه إن رجعت قريش ولم يصيبوا محمدًا ليدخلن الحصن مع قريظة وكذلك فعل، فلما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نقض العهد منهم أرسل السعد بن معاذ وابن عبادة واين رواحة، فقال: اعلموا خبرهم، فإن كانوا على العهد، فأظهروا للناس، وإلا أشيروا إشارة إلي، فلما رجعوا قالوا: عضل والقارة، أي: غدروا مثلهم، فاشتد على المسلمين الأمر كما أخبر الله:{وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}[الأحزاب: ١٠].
وكان من لطفه تعالى أن جاء نعيم بن مسعود الأشجعي الغطفاني، وقال: يا رسول الله إني قد أسلمت ولم يدر القوم بإسلامي فمرني بما شئت، فقال:"إنما أنت رجل واحد فخذل القوم إن قدرت" فجاء نعيم إلى بني قريظة وقال: يا بني قريظة كيف تعرفون ودي لكم؟ قالوا: لست عندنا بمتهم. قال: فإني أنصحكم. فقالوا: هاته. قال: تعلمون أنكم لستم كقريش وسائر القبائل، فإنهم إن رأوا فرصة فذاك، وإلا انصرفوا إلى بلادهم وبقيتم أنتم، ولا طاقة لكم بحرب محمد، فالرأي أن لا تقاتلوا حتى تأخذوا من أشراف قريش رجالًا رهائن تدخلونهم في الحصن. قالوا: أرشدت ونصحت. ثم جاء إلى قريش وقال: عرفتم ودي ونصحي. قالوا: أنت كذلك قال: هل عرفنم ما قصدت قريظة؟ قالوا: لا. قال: فإنهم قد ندموا على نقض العهد وعزموا على أن يأخذوا منكم رجالًا رهائن، ويسلموهم إلى محمد يضرب رقابهم ثم يقومون معه عليكم. وكذلك قال لغطفان وسائر القبائل فلما كانت ليلة السبت أرسلوا عكرمة بن أبي جهل إلى قريظة وقالوا: إنا لسنا بدار مقام، أعدوا إلى الحرب حتى نناجز محمدًا، قالوا: والله نحن يوم السبت لا نقاتل، وأيضًا لا نقاتل حتى تعطونا رجالًا رهائن فإنا نخاف أن تذهبوا وتتركونا مع محمد ولا طاقة لنا به. فقالت قريش: والله