أراد بوضع هذا الباب [الرد] على أبي حنيفة في تجويزه تعليق الطلاق بالنكاح مثل: إن تزوجت فلانة فهي طالق، واستدل على بطلان ذلك بالآية الكريمة:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ}[الأحزاب: ٤٩] فإن ثم يدل على التراضي. ثم نقل عن خمسة وعشرين رجلًا من الصحابة ومن بعدهم أن لا طلاق إلا بعد النكاح، وقد روى أصحاب السنن وغيرهم:"لا طلاق إلا فيما تملك". وإنما لم يروه لأنه لم يكن على شرطه.
هذا والمسألة مختلف فيها من الصحابة ومن بعدهم. قال الشافعي وأحمد: تعليق الطلاق بالنكاح لا يجوز استدلالًا بالآية والأحاديث وقال الكوفيون بوقوعه. قالوا: معنى الآية والحديث أن يقول: امرأة فلان طالق، أو بلدة أو قبيلة صح، وإنه كما تقول: عبد فلان حر، وأيضًا نحن نقول: لا طلاق إلا بعد النكاح، ولا دلالة فيه على عدم جواز التعليق. وقال مالك: إن عين امرأة أو بلدة أو قبيلة صح، وإن عمم لا يصح، رواه في "الموطأ" عن ابن مسعود، وقال هذا أحسن ما سمعته في هذا الباب، وعللوه بأنه إذا عمم يسد باب النكاح على نفسه، وقد ندب الله إلى النكاح.