مخُّ العبادة، فكما أن سائر طاعته كان شكرًا لما أنعم الله؛ فكذا الدّعاء، وفيه أيضًا إرشاد لأمته، وتعليم لهم تلك الدعوات.
وذكر فتنة الممات بعد ذكر عذاب القبر تعميم بعد التخصيص، كما أن ذكر المسيح الدّجال بعد فتنة المحيا تخصيص بعد التعميم.
باب عذاب القبر من الغيبة والبول
١٣٧٨ - (قتيبة) بضم القاف مصغر. روى في الباب حديث ابن عباس: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرّ على رجلين يعذبان في قبورهما، فأخذ عودًا رطبًا، فغرز على كل قبر منه قطعة، وقال:(لعله أن يخفف عنهما لم ييبسا) وقد سلف الحديث في باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله، وبعده مرارًا.
وموضع الدلالة هنا:(أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة).
فإن قلت: ترجم على الغيبة وأورد في الحديث النميمة. قلت: الغيبة -بكسر الغين- فعلة من غابه إذا ذكره غائبًا عنه بما فيه مما يتأذى من ذكره، وأما إذا لم يكن فيه فذلك بهتان. والنميمة: نقل كلام الرجل عند غيره على وجه الإفساد، فهي أخص من الغيبة، فلذلك أوردها لوجود الغيبة في ضمنها، ولا يستلزم وجود الخاص وجود العام. وفيه نظر؛ لأن الوعيد على الخاص بخصوصه لا يستلزم الوعيد على العام بعمومه، والحق أنه أشار على دأبه إلى ما رواه الطبراني بلفظ الغيبة.