وأما قوله:"الحياءُ خيرٌ كلُّه": فقد أراد به المبالغة، أو أراد به أنه منشأ كلِّ خيرٍ، والباعثُ على ترك كل قبيح.
فإن قلتَ: ما حقيقةُ الحياء؟ قلتُ: الحياء أمرٌ وُجداني غنيٌّ عن التعريف، لكن قد يُنَبَّهُ عليه بأنه غريزةٌ في الإنسان تبعثه على ترك ما يُلام عليه. واشتقاقُه من الحياة، لأن المتصف بها يكون قويَّ الحق. وقيل: اشتقاقُهُ من حَيِيَ إذا نقضت حياتُه، كما يقال: حَشي الرجلُ إذا أُصيب حَشَاه.
فإن قلتَ: قد يخل الإنسانُ ببعض الأمور الواجبة، كما في أمر المعروف والنهي عن المنكر إجلالًا لمرتكبها. قلت: ذلك ليس من الحياء في شيء، إنما عجزٌ وخَوَرٌ.
باب المسلمُ من سلم المسلمون من لسانه ويده
١٠ - (آدم بن أبي أياس) بكسر الهمزة (شُعبة) -بضم المعجمة- إمام جليل أميرُ المؤمنين في الحديث. قاله الثوري. وقال الشافعي: لولا شعبة لم يُعرف الحديثُ بالعراق (عن عبد الله بن أبي السَفَر) بفتح السين والفاء سعيد بن محمد، قال الدارقطني: وعن بعض المغاربة: سكون الفاء، وذلك خلافُ ما يقوله أهلُ الحديث (عن عبد الله بن عَمْرو) -بفتح العين آخره واو- هو ابن عمرو بن العاص العابد الناسك، الحافظ لأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال أبو هريرة: أنا أكثر الناس حديثًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يَكْتب ولا أكتب.
وهذا الكلامُ فيه نظر، وذلك لما سيأتي في البخاري أن أبا هريرة بَسَط رداءه فغرف فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم ينس بعد ذلك شيئًا. اللهم إلا أن يُحمل على ما قبل ذلك.
(المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) أراد المسلمَ الكامل، وهذا صريحٌ في