غشيات الكرب، أو القوم الحاضرون. وكذا قاله غيره. قلت: الاحتمال الأخير هو المراد بدليل قوله: وجده في غاشية أهله. على أن الاحتمال الأول محال لأنه عاش بعد ذلك دهرًا طويلًا (قال: قد قضى) بتقدير الاستفهام، وفي رواية: مضى -بالميم- والمعنى واحد (فقال: ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه) أي: إن ناح وسلك في ذلك طريق الجاهلية يعذب. وإن حمد الله وصبر أثابه أجر الصابرين.
قال بعض الشارحين: لو صحت الرواية بالنصب كان المعنى: إلى أن يرحم، لأن المؤمن لا يخلد في العذاب. وهذا -مع عدم رواية النصب- خروجٌ عن غرض الشارع، لأن غرضه الحث على الصبر والحمد والاسترجاع، كما جاء ذلك في أحاديث. ثم قال: فإن قلت: قوله: "فإن الميت يعذب ببكاء [أهله عليه" فكيف بكى] رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: لم يبكِ على الميتِ، وإنما بكى على الحي. وهذا خبط؛ فإنه قد بكى على ابنه إبراهيم وعلى زيد بن حارثة، وعلى جعفر وعلى ابن رواحة كما تقدم [....... ...]. والصواب ما قدمنا من أن المنهي البكاء مع النوح على طريق أهل الجاهلية. ألا ترى أن النساء لما بكَيْنَ خالد بن الوليد، فقال عمر: دعهم يبكين على أبي سليمان. وقال هنا:(وكان عمر يضرب فيه بالعصا ويرمي بالحجارة ويحثي بالتراب).
باب: ما ينهى عن النوح والبكاء والزجر عن نلك
١٣٠٥ - روى في الباب حديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما جاءه قتلُ زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة، وقد تقدم الحديث بشرحه في باب: من جَلَسَ عند