وهذا ليس بشيء؛ أمَّا أولًا: فلأنه ليس الكلام مسوقًا بخطأ الواقف وبيان صحة حجته وفساده؛ بل الكلام إنما هو في نفس الشهر؛ وأما ثانيًا: فلأن الزيادة في الشهر بأن يقفوا اليوم العاشر ليس في الترجمة بها إشعار ولا في الحديث، والصواب أنه أراد أن شرف رمضان إنما هو بوقوع الصَّوم فيه، وليس للإنسان قدرة على الإتمام، فإذا صرف مقدوره حصل له الأجر كاملًا، وكذلك الحاج بعد ذي الحجة؛ فإن شرف هذا الشهر إنما هو بوقوع المناسك فيه، فإذا أتى بها الحاج على وجه الكمال حصل له ما وعد عليه من الأجر؛ سواء كان الشهر كاملًا أو ناقصًا.
باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكتب ولا نحسب"
وهذه الترجمة بعض حديث الباب؛ وهو قوله:
١٩١٣ - (إنا أمة أمية) يريد بالأمة العرب؛ لاشتهارهم بذلك، قال الشريف الجرجاني قدس الله روحه: الأمي من لا يحسن الكتابة، نسبة إلى أم القرى؛ وهي مكة شرفها الله؛ لاشتهار أهلها بذلك، أو إلى الأم؛ لأن من لا يكتب باق على الحالة التي ولدته أمه عليها.
(لا نكتب ولا نحسب) -بضم السين- من الحساب، والمراد حساب النجوم الذي عليه مدار السنة الشمسية، ثم أشار إلى ضبط السنة القمرية بقوله.
(الشهر هكذا وهكذا) يعني: مرة تسعة وعشرين ومرَّة ثلاثين. ليس معناه أنه إذا كان شهرٌ كاملٌ يكون بعده ناقص؛ بل يجوز وقوع ذلك، وقد تتوالى شهور كوامل وبالعكس.