٢٦٩٢ - (أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط) أولُ من هاجرت من النّساء، الذي ترجم على الباب بعض حديث الباب، وتمامه:(فينمي خيرًا وبقول خيرًا). وفي بعضها:"أو يقول" يقال: نمى الحديث -بالتخفيف- إذا بلغه وأفشاه على وجه الإصلاح، ونماه -بالتشديد- إذا بلغه على وجه الإفْسَاد. قال بعض الشارحين: الأول من النماء، والثاني من النميم. وهذا غلط لغة؛ لأن النميمة من نم بتشديد الميم مضاعف، ونمى فعل ناقص يائي.
فإن قلت: في بعضها: "ليس الكذاب" ونفيه لا يستلزم نفي الكذب؟ قلت: مراده أنه وإن كان كاذبًا في نفس الأمر؛ لأنه الإخبار بخلاف الواقع، إلا أنه لا يؤاخذ به؛ كما يؤاخذ به غيره من الكاذبين، أو الكذاب معناه ذو كذب؛ مثل: لابن وتامر.
فإن قلت: كان الظاهر أن يقال: ليس الذي يصلح بين الناس بكاذب؟ قلت: أجابوا بأنه من باب القلب، وهذا ليس بمرضي؛ لأنّ القلب إنما يكون فيما فيه المبالغة.
والصواب أنّ المبتدأ والخبر إذا كانا معرفتين، مثل زيد أخوك، وأخوك زيد، ما كان معلومًا معنى عند السامع، وهو كالطالب للحكم علّة بالآخر يجب تقديمه، وما نحن فيه من ذلك؛ لأنّ المخاطب يعلم أنّ من أخبر بخلاف الواقع كاذب، فكان المهم تقديمهُ، والحكم عليه بشيء آخر.
فإن قلت: زاد مسلم: أنه رخص الكذب في ثلاثة مواضع: في الحرب، وحديث الرجل مع امرأته، وفي الإصلاح بين الناس. وقد صرحوا بوجوب في غيرها؛ كما إذا كان الكذب لعصمة دم مظلوم؟ قلت: مفهوم العدد عند القائل به إنما يعتبر إذا لم يعارضه نصّ.