باب المكاتب ونجومه في كل سنة وقوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النور: ٣٣]
استدل بالآية على مشروعيته، ووجهُ الدلالة على المشروعية ظاهرة، والجمهور على أنه مندوب إليه، والظاهرية على الوجوب بظاهر الأمر، وحقيقة الكتابة شراء العبد نفسه، وسمي ذلك كتابةً، لأن العبد لا مال له حاضر، فيحتاج إلى التأجيل ويقع فيه الكتابة في أكثر الأوقات، والنجوم عبارة عن دفعات الأداء في كل وقت يؤدي بعضًا، وسمي ذلك الأداء نجمًا؛ لأن العرب كانت أمة أمية كان أكثر توقيتهم الأمور بطلوع النجوم وغروبها، وعند الشافعي ومالك وأحمد لا يصح إلا منجمة وفيه إشكال، إذ ليس في الأحاديث ما يدل عليه.
فإن قلت: يستدل بقصة بريرة؟ قلتُ: قصة بريرة ليس فيها شرط التنجيم، ولأنها حكاية فعل، وحكاية الفعل لا دلالة فيها على الوجوب، وكتابة سلمان الفارسي ليست في الحقيقة كتابة، ولئن سُلِّمَ ليس فيها تنجيم. وكذا حمل الشافعي قوله تعالى:{وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ}[النور: ٣٣] على وجوب الإيتاء.
فإن قلت: روى النسائي عن علي بن أبي طالب مرفوعًا: يعطيه ربع بدل الكتابة؟ قلتُ: لا يدفع الإشكال لأن الشافعي لم يقل به، بل قال: الواجب أن يعطيه أدنى ما يطلق عليه اسم المال، والذي يظهر أنه أخذ الوجوب من قوله تعالى {مِنْ مَالِ اللَّهِ}[النور: ٣٣]،