للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥ - بَابُ الفَهْمِ فِي العِلْمِ

٧٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ إِلَى المَدِينَةِ فَلَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُتِيَ بِجُمَّارٍ، فَقَالَ: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً، مَثَلُهَا كَمَثَلِ المُسْلِمِ»، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ، فَإِذَا أَنَا أَصْغَرُ القَوْمِ، فَسَكَتُّ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هِيَ النَّخْلَةُ».

ــ

بابُ: الفَهْم في العِلمِ

الفهم قوة دراكة يتفاوت بحسب الجبلة.

فإن قلتَ: قال الجوهري: فهمت الشيءَ: علمتُهُ. قلتُ: لا ينافي ما قلنا، فإن الفهم يطلق على الإدراك، وعلى مبدئه. ألا ترى إلى قولهم لفلان: فَهِمَ لو اشتغل بالعلم لفاق أقرانه، ودلّ عليه حديثُ ابن عمر، فإنه أعطي تلك القوة، وقول علي: إلاّ رجلٌ أُعطي فهمًا في كتاب الله، فإنه أراد ذلك. وقد تقدم هذا المعنى مستوفىً في شرح قوله: "إنما أنا قاسم والله المعطي".

٧٢ - (حدثنا علي) هو ابن عبد الله المديني، آية من آيات الله، روَى عنه أحمدُ بن حنبل وابنُ معين و (سفيانُ) هو ابنُ عُيينة (قال: قال لي ابن أبي نَحيح) اسم لابن عبد الله، وأبو نجيح هو يسار المكي عن مجاهد -بضم الميم على وزن الفاعل- هو الإمام الجليل في علم القراءة. قال: قرأتُ القرآن على ابن عباس ثلاثين مرةً (كنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فأتي بجُمّار) بضم الجيم وتشديد الميم هو شحم النخل. معروفٌ عندهم (فقال: إن من الشجر شجرةً مَثَلُها كمَثَلِ المسلم) أي: شأنها الغريب، وقد حققنا وجهَ الشبه في باب: طرح الإمام المسألة بما لا مزيد عليه، فراجعْهُ (فأردتُ أن أقول هي النخلة، فإذا أنا أصغرُ القوم) وفي بعض الروايات: وكان في القوم أبو بكر وعمر فسكتُّ، ظاهر الحديث وإن دلَّ على أن الصغير يُوقّر الكبير. ولكن ذلك في الآراء وغيرها، مما لا يكون المراد بيان ظهور العلم والفضل. ألا ترى أنه لما قال لعمر: "إني عرفتُ ذلك. فقال: لو قلتَ كان عندي خيرًا من حُمُر النَعَم" وأما قول مجاهد: لم أسمع ابن عمر يحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا حديثًا واحدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>