٤٥ - باب هِجْرَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ». وَقَالَ أَبُو مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّى أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ
ــ
أو سبع، وعلى تقدير السبع يلزم [أن] تكون بنت إحدى عشرة ونصف، فالاعتمال على ما في "البخاري" من السنتين فيستقيم الحساب.
فإن قلت: فعلى تقدير أن تكون بنت ست سنين أيضًا لا يصح؛ لأن المدة تكون قبل الهجرة بسنة، وبعدها بسنة وستة أشهر. قلت: كانت في السنة التاسعة فصح أنها بنت تسع، إلا أن السنة لم تكمل بعد، ومثله كثير، وإن كانت بنت سبع فتكون البناء بعد تسع وستة أشهر فيكون أسقطت الكسر، والعرب تفعله كثيرًا.
ومن الشارحين من قال: إذا تزوجها بعد موت خديجة بثلاث سنين يلزم أن يكون في حال الهجرة وهذا لم يفهم رواية البخاري أن خديجة توفيت قبل الهجرة بثلاث سنين، وتزوج عائشة بعدها بسنتين فيكون الباقي من الثلاث سنة كما قدمنا.
فإن قلت: روى ابن عبد البر عن الزهري أنه تزوج رَسولُ الله عائشة بعد موت خديجة بشهر فإنها ماتت في رمضان، وتزوج عائشة في شوال فكيف نجمع ذلك مع ما في البخاري، والتفاوت بين الروايتين سنتان؟ قلت: رواية البخاري هي الأصل، وقد نقلنا عن ابن عبد البر أنه لما نقل رواية البخاري عن قتادة قال: هذا أصح الأقوال، هذا تحقيق المقام بتوفيق الملك العلام.
هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه
(وقال عبد الله بن زيد وأبو هريرة قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار) هذا التعليق تقدم مسندًا في باب لولا الهجرة، وقد أشرنا إلى أن غرضه تسلية الأنصار، وأنهم من الشرف في المحل الأعلى، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو لم يكن مهاجرًا كان داخلًا في زمرة الأنصار، وفيه إيماء إلى أن المهاجرين أفضل من الأنصار؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكون إلا في خير الأصناف والطوائف.
(وقال أبو موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها